LIM Center, Aleje Jerozolimskie 65/79, 00-697 Warsaw, Poland
+48 (22) 364 58 00

الحالة الحقيقية للإنترنت في بيلاروسيا: السلكي، واللاسلكي، والمراقبة من السماء

TS2 Space - خدمات الأقمار الصناعية العالمية

الحالة الحقيقية للإنترنت في بيلاروسيا: السلكي، واللاسلكي، والمراقبة من السماء

The Real State of Internet in Belarus: Wired, Wireless, and Watching from the Sky

تتمتع بيلاروس بمشهد إنترنت متناقض: فمن ناحية، لديها بنية تحتية شبكية متطورة للغاية مع وصول واسع النطاق واتصالات عالية السرعة بأسعار معقولة؛ ومن ناحية أخرى، تعمل تحت واحد من أكثر الأنظمة رقابة وتحكمًا في أوروبا. اعتبارًا من عام 2022، كان حوالي 89.5% من سكان بيلاروس يستخدمون الإنترنت freedomhouse.org، ما يعكس انتشارًا كبيرًا حتى بالمقاييس العالمية. استثمرت البلاد بقوة في كل من الإنترنت السلكي (خاصة شبكات الألياف البصرية) وشبكات الهواتف المحمولة اللاسلكية، محققة بعضًا من أعلى معدلات الاتصال في أوروبا الشرقية freedomhouse.org. يقدم هذا التقرير نظرة شاملة على الإنترنت في بيلاروس، ويغطي البنية التحتية للإنترنت السلكي واسع النطاق، والمشهد الواسع للإنترنت المحمول، والاتصال عبر الأقمار الصناعية الناشئ (“المراقبة من السماء”)، ومقاييس الأداء التقني، وتأثير السياسات الحكومية على الوصول وحرية الاستخدام. كما يفحص التفاوتات بين الوصول في المناطق الحضرية والريفية، والفجوة الرقمية بين مختلف الفئات الاجتماعية، والتطورات الأخيرة التي تشكل مستقبل الاتصال في بيلاروس.

نظرة عامة على انتشار الإنترنت والبنية التحتية

تتمتع بيلاروس بانتشار واسع للإنترنت مدعوم ببنية تحتية قوية. مع بداية عام 2023، كان هناك حوالي 8.27 مليون شخص في بيلاروس يستخدمون الإنترنت، أي ما يعادل حوالي 86.9% من السكان datareportal.com. كما أشارت الإحصاءات الرسمية إلى أن 89.5% من السكان كانوا متصلين بالإنترنت بحلول نهاية عام 2022، بزيادة تقارب 3% عن العام السابق freedomhouse.org. من الناحية العددية، كان لدى بيلاروس حوالي 3.1 مليون اشتراك في الإنترنت السلكي، و9.3 مليون اشتراك في الإنترنت المحمول من إجمالي عدد سكان يبلغ 9.4 مليون freedomhouse.org. وهذا يترجم إلى معدل انتشار للإنترنت السلكي حوالي 33-35% من السكان، وانتشار للإنترنت المحمول يتجاوز 100% (أي أن العديد من المواطنين لديهم أكثر من اشتراك لبيانات الهاتف المحمول) freedomhouse.org. وفي الواقع، فإن انتشار الإنترنت المحمول في بيلاروس (أكثر من 100% من السكان) كان من بين الأعلى في وسط وشرق أوروبا حتى عام 2022 freedomhouse.org.

البنية التحتية السلكية: العمود الفقري للإنترنت في بيلاروس هو شبكة الألياف البصرية الحديثة التي تصل إلى معظم التجمعات السكانية. خلال العقد الماضي، حلت تقنية الألياف البصرية السلبية (GPON) بسرعة محل خطوط ADSL/DSL القديمة في جميع أنحاء البلاد freedomhouse.org. ونتيجة لذلك، أصبحت بيلاروس الآن بين الدول الرائدة في أوروبا في انتشار الألياف البصرية المنزلية freedomhouse.org. وبنهاية عام 2022، أبلغت شركة Beltelecom (الاتصالات الوطنية) عن حوالي 2.9 مليون مشترك في الألياف GPON freedomhouse.org، ووصل هذا العدد إلى حوالي 3 ملايين بحلول منتصف 2024 telecomtalk.info. وقد امتد نشر الألياف البصرية إلى ما وراء المدن ليصل إلى البلدات والقرى الصغيرة؛ ففي الواقع، حوالي 82.4% من جميع التجمعات السكانية الصغيرة التي تضم 50-100 نسمة لديها الآن إمكانية الوصول إلى الإنترنت بالألياف البصرية، بفضل برامج التوسيع المستمرة telecomtalk.info. وتقع هذه الاستثمارات ضمن إطار برنامج الدولة “التنمية الرقمية لبيلاروس 2021-2025″، الذي يعطي الأولوية لجلب الإنترنت عالي السرعة حتى إلى المستوطنات الصغيرة telecomtalk.info. ونتيجة لذلك، فإن جودة الإنترنت السلكي مرتفعة: يختار أكثر من نصف المستخدمين باقات بسرعة 100 ميغابت في الثانية أو أكثر، ومتوسط سرعة الاتصال على شبكة الألياف التابعة لـ Beltelecom حوالي 96 ميغابت في الثانية telecomtalk.info. كانت سرعات التحميل السلكي المتوسطة على مستوى البلاد حوالي 53–63 ميغابت في الثانية في 2023–2024 freedomhouse.org freedomhouse.org، وهو تحسن قوي عن الأعوام السابقة. كما أن زمن الاستجابة على الاتصالات السلكية منخفض بشكل عام (بمقدار عشرات المللي ثانية محليًا)، بالنظر إلى بنية الألياف الحديثة والروابط المباشرة مع الشبكات الرئيسة الأوروبية والروسية.

الاتصال الدولي: الإنترنت في بيلاروس متصل عالميًا من خلال عدة خطوط ألياف رئيسة وروابط بالأقمار الصناعية. البلد هو جزء من منظومتي الكابل البصري عبر أوروبا وعبر آسيا وأوروبا، مع كابلات أرضية رئيسة تربطها بليتوانيا، بولندا، روسيا، وأوكرانيا en.wikipedia.org. تمتلك شركة Beltelecom الحكومية جميع بوابات الإنترنت نحو العالم: فهي تمتلك نقطة التبادل الوطنية وشبكة العمود الفقري التي تربط بيلاروس مع مشغلين مثل Lattelecom (لاتفيا)، Rostelecom (روسيا) وغيرهم en.wikipedia.org. هناك أيضًا محطات أرضية للأقمار الصناعية (مثل Intelsat، Eutelsat) توفر الاتصال، عادةً كمصدر احتياطي أو لخدمات معينة en.wikipedia.org. هذا التحكم المركزي في الوصول الدولي يعني أن الحكومة يمكن أن تراقب عن كثب أو حتى تقطع الاتصال الخارجي إذا رغبت (وسيتم التوسع في ذلك بقسم الرقابة). ومع ذلك، وفي الظروف العادية، فإن السعات والمرونة في روابط بيلاروس (بما في ذلك خط بسرعة 400 غيغابت مع روسيا تم إنشاؤه عام 2006 en.wikipedia.org) كانت كافية لتوفير احتياجات البلاد.

أبرز مزودي خدمات الإنترنت والخدمات المقدمة

رغم عدد الشركات المرخصة في بيلاروس (حوالي 170 شركة قدمت خدمات الاتصالات حتى عام 2023 freedomhouse.org)، إلا أن السوق تهيمن عليه مجموعة من اللاعبين الرئيسيين، وجميعهم إما مملوكين للدولة أو خاضعين للرقابة الحكومية الصارمة. يلخص الجدول أدناه أبرز مزودي الإنترنت والمشغلين وخدماتهم:

المزودالملكيةالخدماتقاعدة المشتركين (تقريبًا)ملاحظات
Beltelecomمملوكة للدولة (الحكومة)أنترنت سلكي (ADSL، الألياف GPON)، هاتف ثابت؛ أطلقت خدمات المحمول (4G) في 2022~2.5 مليون في خدمات الإنترنت السلكي (2023) freedomhouse.org؛ المحمول: وافد جديد (عروض مجمعة)احتكار الاتصالات الوطني؛ تمتلك شبكة العمود الفقري؛ العلامات التجارية تشمل “byfly” (إنترنت).
MTS Belarusمشروع مشترك (51% للدولة عبر Beltelecom، 49% Mobile TeleSystems روسيا)هاتف محمول (2G/3G/4G LTE)~5.7 مليون مشترك في خدمات الجوال (منتصف 2024) freedomhouse.orgأكبر مشغل للهاتف المحمول؛ يستخدم بنية تحتية beCloud للجيل الرابع.
A1 Belarusخاصة (A1 Telekom Austria Group)هاتف محمول (2G/3G/4G)؛ إنترنت سلكي (GPON، إيثرنت، DSL في المدن)~4.8 مليون مشترك في المحمول (2024) freedomhouse.org؛ ~400 ألف في خدمة الإنترنت المنزلي freedomhouse.orgكانت تعرف سابقًا باسم Velcom؛ ثاني أكبر مشغل للمحمول؛ استحوذت على مزود الإنترنت المنزلي (Atlant Telecom) لتقديم الإنترنت المنزلي.
life:) (BeST)خاصة (Turkcell، تركيا)هاتف محمول (2G/3G/4G LTE)~1.5 مليون مشترك في المحمول (2024) freedomhouse.orgأصغر مشغل للمحمول؛ مملوكة بالكامل لـ Turkcell منذ 2022.
beCloudتابعة للدولة (Technologies Belarusian Cloud)مشغل وطني للجملة لشبكة الجيل الرابع؛ مراكز بيانات(جملة فقط؛ لا مشتركين مباشرين)تدير الشبكة الوطنية الوحيدة للجيل الرابع LTE، ويستخدمها جميع مشغلي المحمول freedomhouse.org.
NTECدولة (Operations & Analysis Center)تبادل الإنترنت & بوابة مرور البيانات(غير موجهة للمستهلكين)المركز الوطني لتبادل المرور – يُدير مركز BY-IX للتواصل؛ أحد كيانين فقط (مع Beltelecom) يديران حركة البيانات الدولية freedomhouse.org.

Beltelecom: بصفتها شركة الاتصالات الرسمية، تشكل Beltelecom الركيزة للإنترنت في بيلاروس. فهي تملك وتدير شبكة الألياف البصرية الوطنية وبوابات الإنترنت الدولية، أي أن جميع مزودي الخدمة الآخرين يعتمدون على بنية Beltelecom التحتية بشكل أو بآخر freedomhouse.org. تهيمن Beltelecom على الإنترنت السلكي، حيث تسيطر على حوالي 78% من جميع الاشتراكات السلكية (2.5 مليون من أصل 3.2 مليون في 2023) freedomhouse.org. تقدم الشركة خدمات الإنترنت ADSL والألياف البصرية (بعلاماتها التجارية مثل byfly)، وخدمات الهاتف، ومنذ أواخر 2022 حتى خدمات المحمول. (منحت الحكومة ترخيصاً لـ Beltelecom لدخول سوق المحمول، وبدأت ببيع باقات المحمول، غالبًا كمشغل افتراضي أو عبر شراكات، لضمها مع الإنترنت المنزلي freedomhouse.org.) ويعزز هيمنة Beltelecom وجودها الاحتكاري في التعامل مع شبكات الخارج، إذ يُسمح لها ولـ NTEC فقط بالاتصال بالشبكات العالمية freedomhouse.org. ومن خلال هذه نقاط التحكم، تستطيع الدولة فرض الأسعار ومستوى الخدمة – أما الجانب الإيجابي فهو الأسعار المنخفضة والتغطية الشاملة، والجانب السلبي هو التحكم المركزي (سيناقش لاحقاً). من الجدير بالذكر أن استثمارات Beltelecom في الألياف البصرية حدّثت الإنترنت السلكي في جميع أنحاء بيلاروس، ما جعل سرعات جيجابت متاحة حتى في المدن الصغيرة. ووصل عدد عملائها في خدمات الإنترنت إلى نحو 3 ملايين في منتصف 2024 telecomtalk.info. أما أكبر مزود خاص (A1) فكان لديه فقط ~400 ألف عميل في خدمة الإنترنت المنزلي freedomhouse.org، ما يشير إلى هيمنة Beltelecom.

مشغلو الهواتف المحمولة: يوجد في بيلاروس ثلاثة مشغلين رئيسيين لشبكات الهواتف المحمولة للإنترنت الخلوي للمستهلكين: MTS Belarus، A1، وlife:). تعتبر MTS Belarus الأكبر بعدد مشتركين يبلغ حوالي 5.7 مليون مستخدم freedomhouse.org. إنها مشروع مشترك بين Beltelecom (حكومي) وMTS روسيا، مما يعطي الدولة فعليًا حصة في أكبر مزود للخدمات المحمولة. أما A1 (المعروفة سابقًا باسم Velcom) فهي الثانية من حيث الحجم مع أكثر من 4.8 مليون مشترك freedomhouse.org وهي مملوكة للأجانب من شركة Telekom Austria Group. وتشغل life:) المرتبة الثالثة بفارق كبير، بعدد مستخدمين يقارب 1.5 مليون مستخدم freedomhouse.org، وقد استحوذت عليها بالكامل شركة Turkcell التركية في عام 2022 (بعد أن باعت الحكومة البيلاروسية حصتها المتبقية).

جميع مزودي الخدمة الثلاثة يقدمون خدمات الصوت والبيانات عبر شبكات 2G/3G/4G. وتتميز بيلاروس بنشر تقنية 4G LTE عبر شبكة واحدة مشتركة: beCloud (تقنيات السحابة البيلاروسية)، وهي شركة تديرها الدولة وتمتلك جميع بنى الـ4G التحتية التي تؤجرها لـMTS وA1 وlife:) freedomhouse.org. هذا يعني أنه بدلاً من أن يقوم كل مشغل ببناء أبراج LTE خاصة به، قامت beCloud ببناء شبكة LTE واحدة تغطي البلاد ويستخدمها الجميع – وهو نموذج يهدف إلى الكفاءة المالية، وربما تسهيل الرقابة الحكومية أيضًا. واعتبارًا من أوائل 2024، وصلت تغطية 4G LTE (من خلال beCloud) إلى حوالي 93% من مساحة بيلاروس و99% من السكان freedomhouse.org، وهي زيادة كبيرة مقارنة بتغطية ~83% قبل عامين freedomhouse.org. في الوقت نفسه، تغطي شبكات 2G/3G أكثر من 98% من مساحة الدولة freedomhouse.org، مما يضمن توافر التغطية الأساسية حتى في المناطق الريفية البعيدة. لم يتم إطلاق خدمات 5G تجاريًا بعد؛ فقط اختبارات تجريبية صغيرة تم إجراؤها. وبحلول نهاية 2023، أقر المسؤولون بأن الإطلاق الكامل للـ5G “غير مؤكد” بسبب العقوبات الغربية وضعف اهتمام الشركات freedomhouse.org – مما أدى فعليًا إلى تعليق الجيل الجديد من الاتصالات المحمولة. وبدلاً من ذلك، يبدو أن بيلاروس تركز على تعزيز سعة وتغطية الـ4G في المستقبل القريب، وغالبًا بمساعدة مورّدين صينيين (تعمل Beltelecom مع هواوي لتجربة تقنيات الجيل الخامس بما في ذلك الأنظمة المزودة بتقنية التعرف على الوجه) freedomhouse.org.

من حيث الخدمات، يقدم مشغلو الهواتف المحمولة خططًا معتادة للمكالمات الصوتية والرسائل النصية والبيانات. ويُستخدم الإنترنت المحمول على نطاق واسع لمواقع التواصل الاجتماعي والمراسلات (خصوصًا يُعد Telegram شائعًا للأخبار بسبب الرقابة على الإعلام الإلكتروني) وللبث الحي. وبفضل شبكة LTE المشتركة، يستطيع مستخدمو أي مزود الحصول على سرعات 4G في المدن الكبرى ومعظم البلدات. ومع ذلك، المنافسة في سوق الهواتف المحمولة محدودة نوعًا ما: الأسعار منخفضة نسبيًا مقارنة بالإقليم، لكن تأثير الدولة (خاصة عبر ملكيتها الجزئية لـMTS والبنية التحتية الحيوية) يعني أن المشغلين نادرًا ما يتحدون أوامر الحكومة (فعلى سبيل المثال، امتثلوا لأوامر قطع الإنترنت السابقة وفقًا للقانون).

الفجوة بين المدن والريف في الوصول إلى الإنترنت

بيلاروس دولة ذات تحضر مرتفع – إذ يعيش حوالي 80.5% من السكان في المناطق الحضرية (المدن والبلدات) freedomhouse.org. تاريخيًا، حظيت المناطق الحضرية مثل مينسك والعواصم الإقليمية باتصال أفضل بالإنترنت من القرى الريفية. مع ذلك، تقلصت الفجوة في السنوات الأخيرة بفضل تطوير البنية التحتية المتعمد. واعتبارًا من عام 2022، قُدّر أن 92.5% من سكان الحضر يستخدمون الإنترنت، مقارنة بـ79.7% من سكان الريف freedomhouse.org. هذه الفجوة البالغة تقريبًا 13 نقطة مئوية، ورغم أهميتها، فإنها أقل مما كانت عليه في الماضي (على سبيل المثال، في منتصف العقد الأول من الألفية كان فقط حوالي 40% من سكان الريف يتصلون بالإنترنت مقابل أكثر من 70% في المدن). اليوم، حتى في الريف، يمتلك أغلب السكان وصولًا للإنترنت، عبر الشبكات المحمولة بالأساس أو بشكل متزايد عن طريق الألياف الضوئية (fiber-to-the-home) في القرى الأكبر.

تظل العاصمة مينسك الأكثر اتصالًا: حوالي 95.2% من سكان مدينة مينسك يستخدمون الإنترنت freedomhouse.org، أي قريب من الإشباع الكامل. المناطق الأخرى تأتي خلفها قليلًا؛ فمثلًا، سجل إقليم غرودنا (Hrodna/Grodno) حوالي 91.3% استخدام للإنترنت، بينما الأدنى كان إقليم مينسك (المناطق الريفية المحيطة بالعاصمة) بنسبة 83.8% freedomhouse.org. هذا يشير إلى أن حتى أقل الأقاليم اتصالًا، لا يزال أكثر من أربعة أخماس سكانه على الإنترنت. الفجوة بين الحضر والريف أكثر وضوحًا بين بعض الفئات – خصوصًا كبار السن. ففي المدن، كان 53.4% من كبار السن (65 عامًا فأكثر) يستخدمون الإنترنت عام 2021، مقابل 28.2% فقط من نفس الفئة العمرية بالقرى freedomhouse.org. هذا يُبرز أن الفجوة الرقمية المتبقية في بيلاروس أصبحت الآن مرتبطة بالعمر والتعليم (المهارات الرقمية)، وليس بتوفر البنية التحتية فقط.

من منظور البنية التحتية، جميع المدن أو البلدات من أي حجم تقريبًا متصلة. كل مراكز الأقاليم لديها خدمة الإنترنت السريع (ADSL أو الألياف) منذ أواخر العقد الأول من القرن الحالي en.wikipedia.org. وما زال التوسع في شبكة الألياف الضوئية GPON يجلب الإنترنت السلكي عالي السرعة إلى تجمعات صغيرة تضم بضع عشرات من المنازل فقط telecomtalk.info. وفي الأماكن التي لا توجد فيها خدمة ألياف أو إنترنت سلكي، تملأ شبكات 3G/4G الفجوة – إذ يعتمد المستخدمون الريفيون كثيرًا على الإنترنت المحمول إما من هواتفهم الذكية أو أجهزة رواتر واي فاي 4G. أحد التحديات الباقية هو أن القرى الصغيرة قد لا يتوفر فيها إلا خدمة 3G الأقدم أو تغطية أضعف، مما يؤثر على السرعات. لكن مع تغطية الـ4G الآن لـ99% من السكان freedomhouse.org، أصبح الإنترنت السريع عبر الهواتف المحمولة متاحًا تقريبًا للجميع.

كما تحسنت القدرة على تحمل التكلفة على مستوى البلاد، مما أفاد المستخدمين الريفيين. أسعار الإنترنت في بيلاروس منخفضة جدًا مقارنة بالدخل (سيتم تناول ذلك في قسم الشمول الرقمي)، مما يعني أن التكلفة لم تعد عائقًا كما في كثير من الدول. خلاصة القول، ما زال سكان المدن يتمتعون بأسرع سرعات للإنترنت (ألياف ضوئية بسرعات في الجيجابت في العديد من أحياء مينسك، واختيارات متعددة لمزودي الخدمة)، بينما قد يكون لدى سكان الريف خيارات أقل (غالبًا فقط شبكة Beltelecom ومزود واحد للهواتف المحمولة) وسرعات أقل نوعيًا. ولكن تقريبًا الجميع، من سكان المدن إلى المزارعين، يمكنهم الآن الاتصال بالإنترنت على الأقل. ويتم سد الفجوات المتبقية من خلال برامج الدولة الهادفة إلى “تعميم” إتاحة خدمة الإنترنت السريع حتى في أصغر التجمعات.

مشهد الإنترنت المحمول

يعد الإنترنت المحمول حجر الأساس للاتصال في بيلاروس، مع نسب انتشار تصل فعليًا إلى أو تتجاوز 100% من السكان freedomhouse.org. هذا يشير إلى أن كثيرًا من البيلاروسيين يستخدمون أكثر من شريحة SIM أو اشتراك خلوي – شائع بين من يفصلون خطوط العمل عن الشخصية أو ممن يستخدمون شرائح بيانات مخصصة. ويتسم المشهد المحمول بتغطية واسعة النطاق، سرعات متطورة، وباقات بيانات بأسعار مقبولة نسبيًا، وجميعها تحت إشراف ثلاثة مشغلين رئيسيين (MTS، A1، life:)).

تغطية الشبكة والتقنيات: حققت بيلاروس تغطية شبه كاملة بالشبكات المحمولة. تغطي شبكات GSM (2G) و3G أكثر من 98–99% من مساحة البلاد freedomhouse.org، مما يوفر خدمة الصوت/SMS في كل المناطق السكنية تقريبًا. وتم إطلاق شبكة 4G LTE في 2015 عبر نموذج مشاركة البنية التحتية (beCloud)، وقد توسعت بسرعة. وبحلول أبريل 2024، غطت إشارات الـ4G 93% من مساحة بيلاروس و99% من سكانها freedomhouse.org. هذا يعني أن جميع المناطق السكنية تقريبًا لها وصول إلى الـ4G، رغم أن بعض المناطق النائية جدًا قد تعتمد فقط على 3G. ومن اللافت أن التغطية الجغرافية قد قفزت من ~83% إلى 93% في غضون عامين تقريبًا freedomhouse.org freedomhouse.org، مما يعكس تسارع تركيب أبراج LTE جديدة (غالبًا بمساعدة معدات من شركات صينية).

جميع المشغلين يتشاركون شبكة beCloud للجيل الرابع، والتي تعمل بشكل أساسي على ترددات النطاق 20 (800 ميجاهرتز) والنطاق 3 (1800 ميجاهرتز). توفر هذه الشبكة المشتركة سرعات LTE لمشتركي MTS وA1 وlife:) دون أن يحتاج كل منهم لبناء أبراج خاصة به. ورغم أن لهذا ميزات في الكلفة، إلا أنه يعني أن لدى جميع المزودين خرائط تغطية 4G متطابقة (ويختلفون فقط في الأسعار وخدمة العملاء). الجانب السلبي هو أنه إذا حدث خلل في beCloud أو أمرت الحكومة بتعطيل الشبكة، فإن جميع مستخدمي 4G لدى كافة المشغلين سيتأثرون في وقت واحد – نقطة مركزية للتحكم.

سرعات الإنترنت المحمول: السرعات النموذجية للإنترنت عبر الهاتف المحمول في بيلاروسيا تعتبر مناسبة لكنها ليست متميزة مقارنة بالمعايير العالمية للجيل الرابع. ففي عام 2023، كان متوسط سرعة التنزيل عبر الهاتف المحمول حوالي 12 ميغابت/ثانية freedomhouse.org. وبمنتصف عام 2024، بقي هذا المتوسط قريباً (حوالي 11.5 ميغابت/ثانية) freedomhouse.org، ما يشير إلى تحسن طفيف أو ثبات في الأداء مع تشبع قاعدة المستخدمين. يمكن أن تصل سرعات الذروة للجيل الرابع في المدن إلى عشرات الميغابتات وحتى 100 ميغابت/ثانية في الظروف المثالية، لكن كثيراً من المستخدمين يعانون من سرعات أبطأ وخاصة في الأبراج المكتظة أو المناطق الريفية. أما سرعات الرفع على شبكات LTE فعادة ما تكون بضعة ميغابتات فقط. يبلغ متوسط زمن الاستجابة (latency) على الجيل الرابع نحو 30–50 مللي ثانية حسب اختبارات Speedtest – وهو مناسب لمعظم التطبيقات لكن ليس بسرعة الألياف البصرية. من الجدير بالذكر أن الإنترنت المحمول في بيلاروسيا سريع بما يكفي لبث الفيديو عالي الدقة، ووسائل التواصل الاجتماعي، والمكالمات عبر الإنترنت، لكن التطبيقات الثقيلة مثل رفع الملفات الكبيرة أو البث بدقة عالية جداً ما زالت أفضل عبر شبكات الألياف.

لا يزال إدخال الجيل الخامس (5G) غير مؤكد. فقد أجريت تجارب تجريبية صغيرة في مينسك باستخدام معدات هواوي، لكن حتى عام 2024 لا توجد خدمة تجارية للجيل الخامس freedomhouse.org. العقوبات الغربية (المفروضة بسبب الوضع السياسي في بيلاروسيا ودورها في الصراع الأوكراني) منعت شركات مثل نوكيا وإريكسون من تزويد البلاد بتجهيزات الجيل الخامس، وحتى المزودين الصينيين يواجهون مشاكل تمويل وتصدير. علاوة على ذلك، يشير “تراجع اهتمام الحكومة” بالجيل الخامس إلى عدم وجود حاجة اقتصادية ملحة له، بينما لا يزال يتم تطوير الجيل الرابع freedomhouse.org. حالياً، تعتبر بيلاروسيا من الدول الأوروبية القليلة التي لا تملك جدولاً زمنياً لنشر الجيل الخامس. وبدلاً من ذلك، تعمل الشركات على تحسين الجيل الرابع (مثلاً، قامت A1 وغيرها بإعادة تخصيص ترددات الجيل الثالث لتعزيز قدرة الجيل الرابع في المناطق الريفية frequencycheck.com).

استخدام الإنترنت المحمول: معظم سكان بيلاروسيا يصلون إلى الإنترنت يومياً عبر هواتفهم الذكية. ففي عام 2023، شكلت الأجهزة المحمولة حوالي 53% من جميع مشاهدات صفحات الويب في بيلاروسيا، مقابل 47% من الحواسيب statista.com. وتعتمد وسائل التواصل الاجتماعي، ورسائل الدردشة (تيليغرام، فايبر)، واستهلاك الأخبار بشكل كبير على بيانات الهاتف المحمول. يستهلك المستخدم البيلاروسي المتوسط حجماً أكبر بكثير من البيانات سنوياً؛ على سبيل المثال، أبلغت MTS عن نمو مضاعف لمرور البيانات في السنوات الأخيرة (ارتفاع بنسبة 44% في عام 2020) مع توسع تغطية الجيل الرابع freedomhouse.org. ومع انخفاض تكلفة البيانات (2 غيغابايت من بيانات الهاتف المحمول تكلف حوالي 0.62% فقط من متوسط الدخل الشهري الفردي في 2022 freedomhouse.org – وهي نسبة منخفضة جداً مقارنة بالمعايير العالمية)، فإن الإنترنت المحمول يتمتع بقدرة وصول عالية من ناحية السعر.

الباقات والأسعار: تعتبر خطط البيانات في بيلاروسيا رخيصة نسبياً مقارنة بأوروبا. حيث تتوفر باقات غير محدودة أو ذات سعة عالية بأسعار في متناول أصحاب الدخل المتوسط المحلي. فعلى سبيل المثال، في عام 2023، كان من الممكن الحصول على باقة انترنت محمول أساسية (بضعة غيغابايت) مقابل بضعة دولارات شهرياً فقط. وقد تم اختيار هذه السياسة بوعي من أجل تعزيز الاتصال. يلزم جميع شركات الاتصال بتسجيل بطاقات SIM باستخدام جواز السفر بحسب القوانين الحكومية، ولا توجد فعلياً شرائح SIM مسبقة الدفع مجهولة الهوية – كل شريحة مرتبطة بسجل جواز السفر في قاعدة بيانات مركزية يمكن للسلطات الوصول إليها freedomhouse.org. ومع ذلك، فإن العملية سهلة والسوق يتمتع بمنافسة صحية في الأسعار.

خلاصة القول، فإن مشهد الإنترنت المحمول في بيلاروسيا يتسم بـتغطية شاملة، وبنية تحتية موجهة من الدولة، وزيادة مستمرة في الاستخدام. وعلى الرغم من أنه ليس في طليعة تكنولوجيا الاتصالات اللاسلكية (لا يوجد جيل خامس بعد)، إلا أن البلاد استثمرت في الجيل الرابع لتغطية الجميع تقريباً. كما تلعب شبكات المحمول دور النسخة الاحتياطية للشبكات الثابتة في أوقات الانقطاعات أو الإغلاقات المتعمدة، كما حدث في حوادث سابقة حيث كانت شبكات المحمول آخر ما يتم تقييده (حيث أن إيقاف جميع الشبكات المحمولة يحمي الحكومة من أضرار اقتصادية أكبر). سيبقى الإنترنت المحمول ذا أهمية خاصة، خصوصاً للمستخدمين في المناطق الريفية وأولئك الراغبين في تجاوز الرقابة المنزلية أو العملية باستخدام بيانات الجوال.

توفر الإنترنت الفضائي و”المراقبة من السماء”

في بيلاروسيا، يعتبر الإنترنت الفضائي مجالاً متخصصاً وخاضعاً لتنظيم مشدد ضمن مشهد الاتصال. وبفضل قوة الشبكات الأرضية، لا يتم استخدام الخدمات الفضائية على نطاق واسع بين عامة الناس، بينما تفرض الحكومة رقابة مشددة على الروابط الفضائية المستقلة لأسباب تتعلق بالرقابة والأمن. ومع ذلك، من المهم بحث الخيارات المتاحة للاتصال “من السماء”، سواء عبر مشاريع الأقمار الصناعية الوطنية أو المزودين الدوليين مثل ستارلينك أو ون ويب.

البرامج الفضائية المحلية: تدير بيلاروسيا قمرها الاصطناعي للاتصالات الخاص، Belintersat-1، وهو قمر اصطناعي ثابت المدار تم إطلاقه في 2016 كمشروع مشترك مع الصين (ويعرف أيضاً بـ ChinaSat-15). يوفر Belintersat-1 خدمات كالبث التلفزيوني الفضائي، ويمكنه دعم روابط بيانات النطاق العريض عبر أوروبا وأفريقيا وآسيا من موقعه المدارى عند 51.5° شرقاً hajun.info. يدير القمر الصناعي مؤسسة حكومية (مصنع الإلكتروميكانيكا الدقيقة التابع لوزارة الاتصالات) وهو جزء من المنظومة الوطنية للاتصالات الفضائية والبث التلفزيوني hajun.info. عملياً، يُباع عرض حزمة Belintersat في الغالب للبث التلفزيوني التجاري وللاستخدام الحكومي (الاتصالات العسكرية، المكاتب الحكومية النائية… إلخ)، وليس للإنترنت العمومي للأفراد. فعلى سبيل المثال، طورت القوات المسلحة البيلاروسية أنظمة اتصال ميدانية تستخدم Belintersat-1 للوصول إلى الإنترنت كحل احتياطي عند فشل الشبكات الأرضية hajun.info hajun.info.

التفصيل الأهم هو تقييد بيلاروسيا لاستخدام الإنترنت الفضائي ثنائي الاتجاه للأفراد. فبحسب السياسة المتبعة، يسمح للأفراد والشركات فقط باستخدام الخدمات الفضائية أحادية الاتجاه (أي البث التلفزيوني أو تدفقات البيانات في اتجاه واحد) – إذ يجب أن تمر كل حركة الإنترنت الخارجة من المستخدمين عبر الشبكات الأرضية ونقاط العبور الخاضعة للرقابة الحكومية hajun.info. أما محطات الإنترنت الفضائي ثنائية الاتجاه (VSAT) التي ترسل وتستقبل البيانات عبر القمر الاصطناعي فتتطلب إذناً خاصاً، وتقتصر عملياً على الجيش وبعض الجهات الحكومية والسفارات الأجنبية hajun.info. وبهذا، لا يمكن للمواطن العادي في بيلاروسيا قانونياً تركيب طبق فضائي للاتصال المباشر بقمر إنترنت مستقل؛ لأن ذلك يتجاوز الرقابة الحكومية، وتقوم السلطات فعلياً بكشف وملاحقة uplinks الفضائية غير المرخصة hajun.info hajun.info. ويقال إن مركز مراقبة الطيف الراديوي الحكومي (BelGIE) قادر على كشف “المستخدمين غير القانونيين للإنترنت الفضائي ثنائي الاتجاه” وقد تم بالفعل تغريم بعض الأشخاص على مثل هذه المحاولات hajun.info. يفترض أن تمر جميع حركة الإنترنت المدني، حتى من المناطق النائية، عبر محطة أرضية رسمية داخل بيلاروسيا وتخرج عبر الشبكة الأرضية الخاضعة لسيطرة الحكومة (لضمان تطبيق الحجب والرقابة) hajun.info.

خلاصة القول، تحصر بيلاروسيا كل حركة الإنترنت عبر بنيتها التحتية الأرضية الخاضعة للرقابة حتى إذا تضمن الأمر قنوات فضائية. فعلى سبيل المثال، قد يستخدم الشخص في الريف طبقا فضائياً لاستقبال البيانات، لكن طلباته الصادرة يجب أن يتم إرسالها عبر خط هاتفي أو شبكة محمول إلى البوابة الوطنية، وليس مباشرة إلى القمر الصناعي. وهذه السياسة تختلف جذرياً عن حرية استخدام الإنترنت الفضائي في كثير من الدول الأخرى.

ستارلينك و OneWeb: بالنظر إلى القيود المذكورة أعلاه، فلا يُستغرب أن تكون الكوكبات الجديدة من أقمار المدار الأرضي المنخفض (LEO) مثل ستارلينك التابعة لـSpaceX وOneWeb المدعومة من المملكة المتحدة غير متوفرة فعليًا في بيلاروسيا. توسعت ستارلينك بسرعة في جميع أنحاء العالم، لكن بيلاروسيا (مثل حليفتها روسيا) لم تُبد ترحيبًا بها. حتى عام 2025، خرائط التغطية الرسمية لخدمة ستارلينك لا تشمل بيلاروسيا، والشركة “لم تدرج أي نية لإطلاق الخدمة” في بيلاروسيا (وينطبق الأمر ذاته على دول تخضع للرقابة المشددة مثل الصين وإيران وكوريا الشمالية وروسيا وغيرها) zerohedge.com. بمعنى آخر، لا يمكن للبيلاروسيين شراء أو تشغيل محطة ستارلينك بشكل قانوني في ظل الظروف الحالية. وأي محاولة لتهريب واستخدام واحدة منها ستخالف قوانين بيلاروسيا ومن المرجح أن ترصدها أدوات الإنفاذ التابعة للدولة. موقف الحكومة أن الإنترنت الفضائي غير المسيطر عليه يشكل تهديدًا للأمن القومي والرقابة، لأنه لا يمكن إغلاقه أو مراقبته بسهولة مقارنة بالشبكات الأرضية zerohedge.com zerohedge.com. ولدى OneWeb وضع مشابه: فلا يوجد بائع رسمي أو محطة أرضية لـOneWeb في بيلاروسيا، وبما أن إطلاقاته كانت مرتبطة سابقًا بصواريخ روسية (التي توقفت بسبب حرب أوكرانيا)، لم تتعاون بيلاروسيا مع تلك الخدمة أيضًا.

يجدر بالذكر أنه خلال احتجاجات 2020–2021 في بيلاروسيا، ولاحقًا أثناء حرب روسيا في أوكرانيا، تحدث نشطاء كثر عن احتمال استخدام الإنترنت الفضائي (مثل ستارلينك) لتجاوز الانقطاعات. ومع ذلك، لم يتم فعليًا نشر ستارلينك في بيلاروسيا. والحظر القانوني المسبق على مثل هذه الأجهزة، بالإضافة إلى خطر العقوبات الشديد، منع حتى الآن أي تبني ذي مغزى لها.

خيارات الإنترنت الفضائي التقليدية: قبل ظهور الكوكبات المدارية المنخفضة، كانت الخيارات الوحيدة للإنترنت الفضائي هي خدمات VSAT الجيوستاشنري التقليدية. وعادة تقدمها مشغلات أقمار صناعية دولية (مثل Intersputnik وEutelsat وIntelsat التي تغطي منطقة بيلاروسيا) وتتطلب طبق استقبال مزود بوحدة إرسال واستقبال (ترانسيڤر). هذه الخدمات ممكنة تقنيًا – فمثلًا هناك بعض الشركات تعلن عن اتصال VSAT في بيلاروسيا عبر أقمار صناعية حسب كل حالة globaltt.com. لكن مرة أخرى، بسبب التراخيص، يحتاج المستخدم أو الشركة البيلاروسية إذنًا من الحكومة (وغالبًا عليه التعاون مع Beltelecom أو مزود مرخص) لتأسيس رابط VSAT. كما أن التكاليف مرتفعة جدًا للمستهلكين العاديين (المعدات والاشتراكات الشهرية تفوق بكثير متوسط الدخل المحلي). لذا يظل عدد مستخدمي الإنترنت الفضائي في بيلاروسيا صغيرًا جدًا – ويُقتصر عادة على الصناعة النائية (مثل خطوط الأنابيب أو مواقع الاستخراج)، البعثات الدبلوماسية، أو كنسخة احتياطية طارئة للبنية التحتية الحرجة.

الأقمار الصناعية للمراقبة؟ يشير مصطلح “المراقبة من السماء” أيضًا إلى استخدام الأقمار الصناعية في المتابعة والرصد. وعلى الرغم من أنه ليس اتصال إنترنت بالمعنى الدقيق، يجدر بالذكر أن بيلاروسيا تتعاون مع روسيا والصين في مجال المراقبة بالأقمار الصناعية وأن النظام البيلاروسي ناقش حلول اتصالات فضائية “سيادية” خاصة به (ما يسمى “النظير البيلاروسي لستارلينك” الذي تم عرضه للرئيس لوكاشينكو كان فعليًا مركز قيادة متنقل مؤقت يربط عبر قمر Belintersat-1) hajun.info hajun.info. الهدف من هذه الجهود هو بناء قنوات اتصال مستقلة لكن خاضعة للرقابة في حال الحرب أو الاضطرابات الداخلية، وليس توفير الإنترنت المفتوح للمواطنين.

خلاصة القول، الإنترنت الفضائي في بيلاروسيا لا يزال هامشيًا ومقيدًا بشدة. بخلاف بعض المناطق الريفية حول العالم حيث يُعد الإنترنت الفضائي نقلة نوعية، تفضل الحكومة في بيلاروسيا تمديد الشبكات الأرضية (الألياف والاتصالات الخلوية) إلى كل مكان وإبقاء بوابات المرور تحت سيطرتها الصارمة. إلا إذا حدث تغيير سياسي جذري، ستبقى خدمات مثل ستارلينك خارج سماء بيلاروسيا، وسيستمر السكان في الاعتماد على الاتصال الأرضي.

الأداء التقني: السرعة، التغطية، وزمن الاستجابة (اللاتنسي)

تعكس مؤشرات الأداء للإنترنت في بيلاروسيا حداثة البنية التحتية فيها. فيما يلي تفصيل للجوانب التقنية الرئيسية للاتصال في البلاد:

  • النطاق الترددي (السرعة): سرعات النطاق العريض الثابت في بيلاروسيا مرتفعة نسبيًا بفضل نشر الألياف الضوئية. حتى أوائل 2023، كان الوسيط للسرعة الثابتة للتحميل حوالي 53.4 ميجابت/ثانية، وبحلول 2024 ارتفع إلى 63 ميجابت/ثانية freedomhouse.org freedomhouse.org. العديد من مستخدمي الألياف في المدن يتمتعون بسرعات ذروة أعلى بكثير (تتوفر خطط 100، 200، وحتى جيجابت من Beltelecom وA1). أكثر من نصف مشتركي النطاق العريض الثابت يختارون باقات بسرعة 100 ميجابت/ثانية أو أكثر telecomtalk.info. غالبًا ما تكون سرعات التحميل على ألياف GPON متماثلة أو شبه متماثلة (مثلاً خطط 100/50 ميجابت/ثانية). بالنسبة للهواتف المحمولة، تبلغ سرعة التنزيل المتوسطة حوالي 11–12 ميجابت/ثانية freedomhouse.org freedomhouse.org، وهي سرعة متواضعة لكنها كافية للاستخدامات الشائعة. تتراوح سرعات LTE بشكل كبير: في المناطق غير المزدحمة قد تحصل على 30–50 ميجابت/ثانية، بينما في أماكن الازدحام أو عند التحويل إلى 3G فقد تكون بضعة ميجابت فقط. الاتجاه نحو الارتفاع، حيث تتحسن سرعات المحمول والثابت سنويًا مع ترقية البنية التحتية freedomhouse.org.
  • التغطية والموثوقية: كما تم شرحه سابقًا، فإن التغطية لكلا الشبكتين السلكية واللاسلكية واسعة للغاية. جميع المدن والبلدات والقرى الكبرى يمكنها الوصول للإنترنت الثابت (إن لم تكن أليافًا، فهناك ADSL أو الكابل على الأقل). تغطية شبكة الهاتف المحمول شبه كلية للخدمة الأساسية، وفعليًا شاملة للإنترنت إذا تم احتساب 3G/EDGE في المناطق النائية. موثوقية الشبكات الأساسية جيدة عمومًا – حيث لدى بيلاروسيا حلقة ألياف وطنية متطورة تربط مدنها الكبرى وتعزز التكرار. ومع ذلك، فإن بعض المشكلات التي حدثت في الموثوقية لم تكن بسبب عيوب تقنية بل بسبب إجراءات حكومية متعمدة (مثل الإبطاء أو القطع أثناء أحداث سياسية، وسيتم مناقشتها في القسم التالي). انقطاعات الكهرباء أو تهالك البنية التحتية أقل شيوعًا بفضل التحديث المستمر من Beltelecom. ومع ذلك، فإن البنية التحتية في المناطق الريفية قد تكون أقل متانة: بعض المستخدمين النائيين على DSL قد يعانون من انقطاع الكابل أو بطء السرعة أحيانًا. ويمكن أن تتعرض شبكات المحمول للإجهاد خلال الأحداث الكبيرة (مثل الحشود أو أثناء حالات التعتيم المعلوماتي عندما يستخدم الجميع VPNs).
  • زمن الاستجابة (اللاتنسي): بالنسبة للتبادل المحلي ومع الجيران القريبين، فإن زمن الاستجابة منخفض جدًا. مستخدم في مينسك يُرسل أمر وصل لخادم في مينسك أو موسكو قد يحصل على وقت ~10–30 مللي ثانية. حتى إلى فرانكفورت أو لندن، قد تحصل على ~40–70 مللي ثانية بفضل مسارات الألياف المباشرة غربًا. كان الوسيط العام لزمن الاستجابة في النطاق الثابت حسب Speedtest حوالي 21 مللي ثانية في 2023 (وإن لم يُذكر كمصدر، لكنه شائع بالنظر للسرع). زمن الاستجابة عبر المحمول (4G) أعلى، وغالبًا ~40–60 مللي ثانية، وأعلى بكثير في 3G (أكثر من 100 مللي ثانية). الاتصالات الفضائية، حيثما استُخدمت، تعاني من زمن استجابة مرتفع للغاية: إنترنت الأقمار الصناعية الجيوستاشنري قرابة ~600–700 مللي ثانية للذهاب والإياب، مما يجعله غير عملي للتطبيقات اللحظية. (أقمار المدار المنخفض مثل ستارلينك ستوفر ~20–50 مللي ثانية، لكن لا تتوفر أساسًا في بيلاروسيا). باختصار، مستخدمو الإنترنت في بيلاروسيا يحصلون على زمن استجابة مماثل لشبكات الدول المتقدمة – جيد بما فيه الكفاية لمكالمات الفيديو، الألعاب الإلكترونية (وكابل الإنترنت مفضل للألعاب السريعة)، وخدمات السحابة.
  • السعة والإبطاء المتعمد (Throttling): العمود الفقري لشبكة بيلاروسيا يتمتع بسعة كبيرة (عدة روابط 100 جيجابت/ثانية للجيران) en.wikipedia.org، وداخليًا يتحمل شبكة الألياف الحمل جيدًا. شبكات الوصول المحلية مثل GPON بها نسبة مشاركة مستخدمين، لكنها تستطيع توفير السرعات الموعودة معظم الوقت. على الهاتف المحمول قد تظهر مشاكل سعة في المناطق المزدحمة، لكن الشركات زودت عدد الأبراج والحيزات الترددية لتجاوز ذلك. خلال أوقات التوتر السياسي، أفاد المستخدمون ببطء غير مبرر أو صعوبة في الوصول لبعض الخدمات (المزيد عن الرقابة أدناه)، ما يشير إلى إبطاء متعمد (throttling) أكثر من كونه قصورًا تقنيًا. فخلال 2020 مثلًا، حدّت السلطات أحيانًا من سعة البيانات أو عطلتها في مواقع معينة لإعاقة اتصالات المحتجين freedomhouse.org freedomhouse.org.

وخلاصة القول، إن الإنترنت في بيلاروسيا من الناحية التقنية سريع وواسع الانتشار، ويضاهي العديد من دول الاتحاد الأوروبي في مؤشرات أساسية مثل انتشار الألياف والتغطية المحمولة. المستخدمون العاديون يستطيعون مشاهدة الفيديو عالي الدقة، واستخدام مؤتمرات الفيديو، والاستفادة من الخدمات الحديثة دون مشاكل تقنية جوهرية. أهم تحديات الأداء لا تأتي من التقنية بل من القيود السياسية مثل الحجب والانقطاعات المؤقتة.

سيطرة الحكومة والرقابة والمراقبة

لا يمكن لأي تحليل حول الإنترنت في بيلاروس أن يكتمل دون فحص القبضة القوية لسيطرة الدولة. إذ تبقى الدولة، تحت حكم الرئيس ألكسندر لوكاشينكو ذو النظام السلطوي، مُحكمة القبضة على بنية الإنترنت التحتية والمحتوى. يتجلى هذا من خلال عدة طرق: ملكية الشبكات الرئيسية، والآليات القانونية والتقنية للرقابة، ومراقبة النشاط الإلكتروني، والانقطاعات الدورية للاتصال لأسباب سياسية.

الاحتكار الحكومي ونقاط الاختناق: تمتلك أو تسيطر الحكومة البيلاروسية بشكل مباشر على البنية التحتية الحرجة للإنترنت. شركة بيلتيليكوم، أكبر شركة اتصالات، مملوكة للدولة وتشغل الشبكة الرئيسية “التي تعتمد عليها جميع مزودي خدمة الإنترنت الآخرين” freedomhouse.org. المركز الوطني لتبادل الحركة (NTEC) – وهو هيئة تابعة لمركز العمليات والتحليل الرئاسي (OAC) – وبيلتيليكوم هما الجهتان الوحيدتان المسموح لهما بإدارة حركة الإنترنت العابرة للحدود الوطنية freedomhouse.org. عملياً، يدير NTEC نقطة التبادل المحلية للإنترنت (BY-IX) للربط المحلي، بينما تتولى بيلتيليكوم البوابات الدولية. هذا يعني أن كل حركة الإنترنت الدولية (سواء طلبات الويب أو البريد الإلكتروني، إلخ) يجب أن تمر عبر معدات تسيطر عليها هاتان الجهتان، مما يعطي السلطات القدرة التقنية على تصفية أو إبطاء أو قطع الاتصالات متى شاءت freedomhouse.org. ليس لدى مزودي خدمات الإنترنت المستقلين مسارات مستقلة – فهم يشترون النطاق الترددي من بيلتيليكوم أو NTEC، فإذا تم إيقافهما، ينقطع الإنترنت على الجميع.

انقطاع الإنترنت: أظهرت السلطات البيلاروسية استعدادها لتفعيل “زر القتل” لقطع الاتصال بالإنترنت في أوقات الأزمات. فعلى سبيل المثال، أثناء انتخابات الرئاسة في أغسطس 2020 (والتي اعتُبرت على نطاق واسع مزورة) والاحتجاجات الجماهيرية اللاحقة، قامت الحكومة بفرض انقطاع شبه كامل للإنترنت لما يقارب 61 ساعة على مستوى البلاد، بدءاً من ليلة الانتخابات freedomhouse.org. كان ذلك انقطاعاً شاملاً شمل بيانات الهاتف المحمول ومعظم المواقع وحتى الشبكات الافتراضية الخاصة VPNs – بمعنى أن بيلاروس قطعت فعلياً عن الإنترنت العالمي. بعد ذلك، في أواخر 2020، تم فرض انقطاعات محلية ومتقطعة، خاصة أيام الأحد عندما كانت تُقام مسيرات احتجاجية كبيرة freedomhouse.org. وأشارت التقارير إلى أن الحكومة قامت أيضاً بتشويش إشارات الإنترنت المحمول في مناطق الاحتجاج لتعطيل التنسيق freedomhouse.org. كانت هذه الإجراءات غير مسبوقة في بيلاروس وأشارت إلى مستوى جديد من السيطرة على غرار ما يحدث في الأنظمة السلطوية الأخرى. في عام 2021، ذهبت الحكومة إلى أبعد من ذلك وقامت بتعديل قانون الاتصالات بشكل صريح ليُجيز للحكومة قطع أو تقييد الشبكات باسم الأمن القومي freedomhouse.org. يمنح هذا الغطاء القانوني شرعية لانقطاعات الإنترنت مستقبلاً. وبينما لم تحدث انقطاعات على مستوى البلاد في 2022–2023 (لعدم وجود أحداث ذات نطاق مماثل لاحتجاجات 2020)، إلا أن هناك حوادث جرت – ففي أغسطس 2023 مثلاً، عندما تواجدت مرتزقة فاغنر المرتبطة بروسيا في بيلاروس، سُجِّلت اضطرابات محلية في الإنترنت المحمول بالقرب من معسكرهم freedomhouse.org. وفي أواخر ديسمبر 2023، قامت السلطات بحجب يوتيوب مؤقتاً أثناء كلمة عبر الإنترنت لزعيم معارض freedomhouse.org. باختصار، تمتلك الحكومة كل من الوسائل والتفويض القانوني لقطع الاتصال بالإنترنت كلياً أو جزئياً، وقد استخدمته بالفعل في أوقات سياسية حساسة.

حجب المواقع والرقابة على المحتوى: يومياً، تمارس بيلاروس الرقابة الواسعة على المحتوى الإلكتروني. حيث تحتفظ الحكومة بقائمة سوداء واسعة من المواقع التي يجب على مزودي الخدمة حجبها. وحتى نهاية عام 2022، كان هناك أكثر من 10,000 موقع محجوب داخل بيلاروس freedomhouse.org – وزاد هذا الرقم بما لا يقل عن 2,000 موقع إضافي خلال عام 2023 freedomhouse.org. ولا يشمل الحجب فقط المحتوى المتطرف أو غير القانوني، بل جميع وسائل الإعلام المستقلة تقريباً، ومواقع أخبار المعارضة، ومنظمات حقوق الإنسان، ووسائل الإعلام الأجنبية. على سبيل المثال، تم حجب البوابة الإخبارية الأكثر شعبية في البلاد TUT.by في عام 2021 وأُعلن عنها لاحقاً “متطرفة”، مما قطع الاتصال عن 3.3 مليون مستخدم يومياً freedomhouse.org. كما تم حجب موقعها البديل (Zerkalo.io، المُدار من المنفى) فور إطلاقه freedomhouse.org. جميع المواقع الإخبارية غير الحكومية الرئيسية الآن إما محجوبة أو تم دفعها إلى المنفى، ولم يعد متاحاً سوى مواقع لا تتناول السياسة مثل Onliner.by freedomhouse.org. حتى المواقع التي لها علاقة هامشية بالمعارضة تعرضت للحجب – ففي 2023 تم حجب موقع Flickr (لمشاركة الصور) ومكتبة إلكترونية رقمية رئيسية باللغة البيلاروسية، للاشتباه في استضافتها محتوى مخالف لرواية النظام freedomhouse.org. بالإضافة إلى ذلك، تم إعلان العديد من صفحات وسائل التواصل الاجتماعي وقنوات تيليغرام “متطرفة”، ليصبح من الجريمة حتى الاشتراك أو قراءتها من قبل المواطنين. تبقى القائمة الفعلية للمواقع المحجوبة سرية (وهي في حد ذاتها معلومات مقيدة)، وغالباً ما تُبرر قرارات الحجب بمبرر عام هو “تهديد الأمن القومي” بموجب قانون الإعلام freedomhouse.org.

لتنفيذ هذه الحجبات، تستخدم بيلاروس تقنيات فحص الرزم العميق (DPI) وتصفية المحتوى على مستوى مزودي الخدمة والشبكة الرئيسية. في مارس 2022، أعلنت بيلتيليكوم عن مناقصة لشراء أجهزة وبرمجيات مطورة بقيمة 4 ملايين دولار من أجل “جمع وتخزين معلومات عن زيارات المستخدمين للموارد الإلكترونية وحجب هذه الموارد” freedomhouse.org. يشير هذا إلى استمرار الاستثمار في أجهزة الرقابة. كما أفيد أن بيلاروس طلبت مساعدة تقنية من روسيا (التي تطبق نظام حجب واسع النطاق خاص بها) لتعزيز هذه القدرات freedomhouse.org. ونتيجة لذلك، أصبح الوصول إلى المحتوى المحجوب يتطلب غالباً أدوات تجاوز الحجب (VPN، تور، الخوادم الوكيلة).

حملة على أدوات تجاوز الحجب: من الطبيعي أن يلجأ الكثير من البيلاروسيين إلى الشبكات الافتراضية الخاصة (VPNs) وأدوات إخفاء الهوية لتجاوز الرقابة. وردت الحكومة بمحاولة حجب أو تقييد استخدام VPN وTor. في الواقع، تم تجريم استخدام VPN أو Tor لأغراض غير قانونية منذ عام 2015 freedomhouse.org، لكن التنفيذ كان ضعيفاً لسنوات. بعد عام 2020، بدأت الحكومة باستهداف هذه الأدوات بشكل نشط. في عام 2020 تم حجب أداة الوكالة الشهيرة Psiphon freedomhouse.org. وبحلول 2023–2024، تم التخطيط لاستخدام تقنيات تصفية الحركة للحد من استخدام VPN بشكل أوسع freedomhouse.org. في مايو 2024، عندما نظمت مجموعة معارضة في المنفى “انتخابات بديلة” عبر منصة إلكترونية آمنة، ردّت الحكومة بمنع ما لا يقل عن أربعة خدمات VPN رئيسية (Psiphon, Turbo VPN, TunnelBear, HUB VPN) لمنع الناس من التصويت عبر الإنترنت freedomhouse.org freedomhouse.org. هذه اللعبة بين القط والفأر تعني أن أدوات المواطن البيلاروسي العادي للوصول للإنترنت المفتوح تقل باستمرار. وقد استهدُف تور أيضاً؛ وبينما ليس ذلك فعالاً بنسبة 100%، فإن تقنيات الفحص العميق للرزم عرقلت أحياناً إمكانية الاتصال عبر تور. كما جرى إدخال عقوبات قانونية على تقديم نصائح “غير قانونية” حول تجاوز الحجب.

المراقبة والخصوصية: توظف بيلاروس نظام مراقبة واسع النطاق على الاتصالات السلكية واللاسلكية. وبحسب القانون، يجب على جميع مشغلي الاتصالات تنفيذ معدات SORM (نظام الأنشطة التحقيقية التشغيلية)، وهو نظام روسي الأصل، يسمح بمراقبة الاتصالات الهاتفية والإنترنت في الوقت الفعلي لصالح أجهزة إنفاذ القانون (خاصة، لجنة أمن الدولة “KGB” ومركز العمليات والتحليل “OAC”) freedomhouse.org. يشرف مركز العمليات والتحليل الرئاسي (OAC) – الذي كان في البداية قسماً تابعًا لـ KGB – على مراقبة الإنترنت وله صلاحية الإشراف على امتثال مزودي الإنترنت لجمع البيانات freedomhouse.org. جميع مزودي الإنترنت والهاتف ملزمون بالاحتفاظ ببيانات المستخدمين ومساعدة السلطات. كما ذُكر سابقاً، تسجيل شريحة SIM إلزامي: يجب تقديم جواز السفر عند شراء شريحة، وتنقل بيانات الجواز إلى قاعدة بيانات إلكترونية يمكن لوزارة الداخلية والأجهزة الأمنية الوصول إليها freedomhouse.org. وهذا يلغي الوصول المجهول للهواتف المحمولة. علاوة على ذلك، يُطلب من مقاهي الإنترنت أو نقاط اتصال الواي فاي العامة (مثل الفنادق) التحقق من هوية المستخدمين (غالبًا عبر جواز السفر أو رمز SMS) قبل منحهم حق الوصول للإنترنت.

على مستوى الشبكة، تراقب الحكومة وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات المراسلة بشكل مكثف. بعد احتجاجات 2020، تم اعتقال آلاف الأشخاص بسبب منشوراتهم الإلكترونية أو حتى رسائل الدردشة الخاصة. وقد تسللت الأجهزة الأمنية إلى محادثات المعارضة على تيليغرام واستخدمت أجهزة IMSI وأدوات أخرى لربط النشاط الإلكتروني المجهول بهويات حقيقية. كما يستخدم النظام أساليب الترهيب مثل إجبار النشطاء المعتقلين على فتح هواتفهم الذكية وحساباتهم الاجتماعية، ثم استخراج قوائم الاتصال لتوسيع شبكة المراقبة. الأخ الكبير حاضر بقوة على الإنترنت البيلاروسي – حيث تصنف مؤسسة Freedom House بيلاروس دائماً كـ “غير حرة” فيما يخص حرية الإنترنت، مستشهدة بالمراقبة الشاملة والتعامل الصارم مع المعارضة الإلكترونية.

ومن الجدير بالذكر أن المحتوى الإلكتروني أصبح مجرماً بموجب قوانين واسعة. تم سجن عشرات المدونين والصحفيين الإلكترونيين بتهم مثل “التطرف” أو “إهانة الرئيس” لمجرد نشرهم تعليقات على يوتيوب أو تيليغرام freedomhouse.org freedomhouse.org. تلقى مواطنون عاديون أحكامًا بالسجن لسنوات بسبب تعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي اعتُبرت مناهضة للحكومة. المناخ السائد جعل الكثير من المعلقين في الشأن السياسي يفضلون استخدام أسماء مستعارة و VPN/Tor (عند الإمكان)، رغم أن خطر كشف الهوية يبقى قائماً. وفي مثال متطرف، اعترضت الحكومة طائرة ركاب تجارية في 2021 لاعتقال مدون معارض (رومان بروتاسيفيتش من قناة نكستا) لم يكن حتى في بيلاروس آنذاك – مما يسلط الضوء على مدى استعداد النظام للذهاب بعيداً لاعتقال النشطاء الإلكترونيين bbc.com.

الخلاصة حول السيطرة: لقد بنت الحكومة البيلاروسية “إنترنت ضمن حدود” – بنية تحتية ذات جودة عالية قادرة على نقل المعلومات والخدمات، ولكن ضمن نطاق مراقب ومراقب بشدة. عبارة “المراقبة من السماء” مناسبة ليس فقط للأقمار الصناعية، بل أيضاً لعين الحكومة الساهرة على الفضاء السيبراني. سواء عبر الوسائل التقنية (احتكار الدولة لمزود الإنترنت، تصفية DPI، مفاتيح القتل) أو القانونية (قوانين التطرف الفضفاضة، الاحتفاظ الإلزامي بالبيانات)، فإن الدولة حاضرة بقوة في الفضاء الرقمي البيلاروسي. ويؤدي ذلك بطبيعة الحال إلى تقليص بعض الفوائد التي توفرها البنية التحتية القوية؛ فعلى سبيل المثال، يمكن حظر خدمات السحابة والمواقع الأجنبية بشكل تعسفي، وقد يجد رواد الأعمال أو الباحثون أنفسهم غير قادرين على الوصول إلى موارد رئيسية. ومع ذلك، وعلى الرغم من هذه القيود، أظهر الشعب البيلاروسي إبداعاً في طرق تلقي الأخبار والتواصل (فتيليغرام، مثلاً، ما زال شريان حياة رئيسي لأنه يستخدم بنية تحتية لا مركزية ثبت صعوبة حجبها تماماً حتى في 2020).

الشمول الرقمي والفجوة الرقمية

قصة الشمول الرقمي في بيلاروس هي تحسين مستمر في الوصول يقابله وجود فوارق اجتماعية وجيلية. الجهود المتواصلة لتوسيع البنية التحتية والحفاظ على انخفاض أسعار الإنترنت أغلقت إلى حد كبير الفجوة الرقمية التقليدية بين المدينة والريف أو بين الأغنياء والفقراء، لكن الفروقات لا تزال قائمة من حيث العمر، اللغة، وجودة الاستخدام.

ومن الناحية الإيجابية، فإن الوصول للإنترنت متاح ومعقول التكلفة عملياً لجميع شرائح المجتمع. ووفقاً لمقاييس أسعار الاتحاد الدولي للاتصالات، بحلول 2022 كان سعر حزمة الإنترنت الأساسية في بيلاروس من بين الأدنى عالمياً: فعلى سبيل المثال، تكلفة 2 غيغابايت من بيانات الهاتف المحمول لم تتجاوز 0.62% من الدخل القومي للفرد، وخطة الإنترنت المنزلي الثابت 5 غيغابايت تكلف نحو 0.73% من الدخل القومي للفرد freedomhouse.org. هذه الأرقام تتجاوز هدف الأمم المتحدة لجعل الإنترنت ميسور التكلفة، وتضع بيلاروس بين الدول الرائدة للإنترنت الرخيص. بالمقاييس المطلقة، يمكن شراء خط إنترنت منزلي سريع (200 ميغابت في الثانية أو أكثر) مقابل 10–15$ شهريا — وهو سعر معقول مقارنة بمستوى الدخل في بيلاروس. وتأتي هذه التعريفة المنخفضة نتيجة لسياسة الدولة (حيث تضغط الحكومة غالباً على “بيلتيليكوم” الحكومية كي تبقي الأسعار منخفضة) وغياب المنافسة الربحية في بعض المناطق. والفائدة أن الأسر منخفضة الدخل، والطلاب، وسكان المناطق البعيدة يكون بمقدورهم عموماً تحمل تكلفة الحد الأدنى من الوصول للإنترنت. إضافة لذلك، العديد من المؤسسات العامة مثل المكتبات والمدارس مرتبطة بالشبكة وتوفر نقاط وصول جماعية.

وقد تقلصت الفجوة بين المدينة والريف بشكل كبير بفضل التوسع في البنية التحتية. وكما ذُكر، أصبح تقريباً 80% من سكان الريف متصلين بالإنترنت الآن freedomhouse.org، ما يعني تحقق الشمول الأساسي خارج المدن. مشاريع تزويد المكتبات الريفية بالواي فاي، ونقاط الوصول في مكاتب البريد، وأكشاك الإنترنت المتنقلة كلها ساهمت في ذلك. كما أن التمديد المتواصل للألياف الضوئية إلى القرى يضمن للسكان الريفيين ألا يظلوا عالقين بخدمات ضعيفة فقط. ومع ذلك، لا تزال هناك فجوة في الجودة: حيث يتمتع سكان المدن غالبًا بأسرع خدمة ألياف وخيارات مزودين متعددة، بينما قد يتوفر لسكان الريف خيار واحد فقط (غالباً خط DSL قديم أو إشارة محمول ضعيفة). البرنامج الحكومي يقر صراحة بالحاجة إلى زيادة توفر الخدمة “بما في ذلك في المستوطنات الصغيرة” لضمان التنافسية والشمول telecomtalk.info.

أما الفجوة الرقمية الأبرز الآن فهي حسب الفئة العمرية واللغة. يستخدم البيلاروسيون الشباب (دون سن الخمسين) الإنترنت بمعدلات مرتفعة جداً تكاد تبلغ الشمول التام للفئة العمرية تحت الأربعين. أما كبار السن لا سيما في المناطق الريفية فتبقى نسبة الاستخدام لديهم أقل. على سبيل المثال، لم يكن سوى 28% من كبار السن الريفيين (65+) متصلين بشبكة الإنترنت بحلول 2021 freedomhouse.org، مقابل 53% من كبار السن في المدن — وهذه الأرقام تتطور لكن لا تزال خلف الفئات الأصغر سناً بكثير. وهناك جهود مستمرة من منظمات غير حكومية وأحيانا برامج حكومية لتحسين المهارات الرقمية لدى كبار السن (مثال: دورات كمبيوتر بالمراكز المجتمعية)، لكن التقدم تدريجي. هذه الفجوة الجيلية تعني أن خدمات الحكومة الإلكترونية والمعلومات المهمة قد لا تصل لبعض أكثر الفئات احتياجاً (المتقاعدين) دون مساعدة.

هناك جانب آخر متعلق باللغة والمحتوى المحلي. فالإنترنت البيلاروسي (يعرف غالباً بـ”بينت/ByNet”) تهيمن عليه تقليدياً المحتويات باللغة الروسية، بينما تبقى المحتويات باللغة البيلاروسية أكثر ندرة. ويشير نشطاء الشمول الرقمي إلى أن المتحدثين بالبيلاروسية (غالباً من أنصار المعارضة أو المناطق الغربية) لديهم مصادر أقل على الإنترنت، كما أن الحكومة قامت فعلياً بحجب بعض المواقع البيلاروسية (لمجرد اعتبارها مرتبطة بالمعارضة) freedomhouse.org. وهذا يخلق فجوة رقمية ثقافية. ورغم ذلك، أسهمت وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات الدردشة في تقليص الفجوة، إذ يستطيع المستخدمون إنتاج محتواهم بلغتيهم بحرية عبر تلك المنصات (عند توفرها عبر VPN).

أما من ناحية الجندر، فتتميز بيلاروس بمعدل استخدام الإنترنت بين النساء أعلى بقليل من الرجال. في 2022 كان نحو 89.5% من النساء بين 16 و72 سنة مستخدمات للإنترنت، أعلى بقليل من الرجال وأعلى أيضاً من متوسط أوروبا للنساء freedomhouse.org. وهذا يدل على أن الفوارق الموجودة لا تمثل عائقاً للنساء في الوصول الأساسي؛ فالنساء في بيلاروس نشطات رقمياً بشكل كبير (تعكس الإحصائيات أن النساء يشكلن أكثر من 56% من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي) datareportal.com. قد تكون الأسباب ديموغرافية (النساء يمثلن نسبة أكبر من السكان، وكثير من الرجال غادروا البلاد ضمن قطاع التكنولوجيا) أو اجتماعية (النساء يقدن غالباً قرارات الأسرة بما يخص تعليم الأبناء واستخدام الإنترنت). في جميع الأحوال، المساواة الجندرية في الوصول للإنترنت متحققة فعلاً.

وتفخر بيلاروس أيضاً بخدمات الحكومة الإلكترونية والخدمات الرقمية التي تهدف لإشراك جميع المواطنين. العديد من الخدمات الحكومية (دفع الفواتير والضرائب، الوصول للسجلات الطبية، إلخ) متوفرة عبر بوابات إلكترونية. وتستخدم هذه البوابات بكثافة في المدن وبين الفئات الأصغر سناً، لكن جزء من جهود الشمول الرقمي يركز على مساعدة سكان الريف في استخدامها. على سبيل المثال، جهزت بعض المراكز الإدارية الريفية بـ”أكشاك خدمة موحدة” حيث يساعد الموظفون السكان المحليين في الوصول للخدمات الرقمية.

الفجوة الرقمية في الأجهزة: أحد العوامل المتبقية هو جودة الجهاز والوصول إليه. في حين أن الهواتف المحمولة منتشرة في كل مكان (هناك أكثر من 100% معدل انتشار للهواتف المحمولة، أي أن كل فرد تقريبًا لديه هاتف محمول freedomhouse.org)، إلا أن جميعها ليست هواتف ذكية، خاصة بين الفئات الأكبر سنًا أو الأقل دخلًا. ومع ذلك، فإن هذا يتغير حتى الآن مع تدفق الهواتف الذكية الرخيصة التي تعمل بنظام أندرويد إلى السوق. وفي الاستخدام المنزلي، لا يستطيع الجميع تحمل تكلفة جهاز كمبيوتر حديث؛ العديد من الأسر تعتمد فقط على الهواتف الذكية للوصول إلى الإنترنت. وهذا يمكن أن يحد من عمق استخدام الإنترنت (على سبيل المثال، أداء الواجبات المنزلية أو إدارة الأعمال التجارية أصعب بكثير عبر الهاتف فقط). برامج تزويد المدارس بأجهزة الكمبيوتر وتقديم الأجهزة اللوحية بأسعار معقولة هي جزء من استراتيجية الشمول الرقمي. بعض مقدمي خدمات الاتصالات قدموا خطط تقسيط للأجهزة، ما جعل من الأسهل للعائلات اقتناء أجهزة الكمبيوتر الشخصية أو أجهزة التلفزيون الذكية.

الشمول المجتمعي وشمول ذوي الاحتياجات الخاصة: يواجه الأشخاص ذوو الإعاقة تحديات في الوصول إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، حيث أن العديد من المواقع والخدمات في بيلاروسيا ليست مُهيأة بالكامل لتكون قابلة للوصول (مثل برامج قراءة الشاشة). توجد بعض المبادرات (غالبًا من قبل منظمات المجتمع المدني) لتحسين إمكانية الوصول إلى الويب وتوفير تدريب متخصص للمستخدمين ذوي الإعاقة. أحيانًا تعلن شركة بيلتيليكوم الحكومية عن تخفيضات أو خطط خاصة لبعض المجموعات (مثل قدامى المحاربين في الحرب أو الأشخاص ذوي الإعاقة) كإجراء اجتماعي.

في الختام، حققت بيلاروسيا إلى حد بعيد الشمول الرقمي الأساسي من حيث الوصول – فالغالبية العظمى من المواطنين، عبر المناطق والأجناس، يمكنهم الوصول إلى الإنترنت بتكلفة معقولة. البقية من الفجوات تتعلق أكثر بـ الاستخدام الفاعل: فالمواطنون الأكبر سنًا، أو الريفيون، أو الأقل تعليمًا قد لا يستفيدون بالكامل من ميزات الإنترنت حتى مع توفر الاتصال لمنازلهم. التحدي المستمر هو إشراك هذه المجموعات في المجتمع الرقمي من خلال التعليم والمحتوى المحلي، مع الحفاظ على القدرة على تحمل التكاليف والبنية التحتية التي بنتها بيلاروسيا. ولسوء الحظ، فإن مناخ الرقابة والقمع السياسي يعني أيضًا وجود “فجوة معرفية” – حيث يُقطع الكثيرون عن المعلومات المستقلة، مما يحد من القدرة التمكينية للإنترنت. الشمول الرقمي في بيلاروسيا له جانب سياسي: الشمول الحقيقي لن يكون فقط في الوصول إلى الإنترنت الخاضع لموافقة الدولة، بل إلى الإنترنت الحر والمفتوح – وهو هدف تحده حاليًا سياسات النظام.

التطورات الأخيرة وآفاق المستقبل

مشهد الإنترنت في بيلاروسيا يتطور باستمرار تحت ضغوط التقدم التكنولوجي، والأحداث السياسية، والعزلة الدولية. عند النظر للمستقبل، من المرجح أن تشكل عدة اتجاهات وتطورات رئيسية حالة الاتصال في الدولة:

  • مواصلة توسيع الألياف الضوئية: من المرجح أن تُكمل بيلاروسيا خلال السنوات القادمة عملية نشر شبكة GPON للألياف الضوئية على مستوى البلاد. تهدف خطط “بيلتيليكوم” ضمن برنامج التنمية الرقمية 2021–2025 إلى استبدال خطوط DSL المتبقية ومد الألياف إلى جميع التجمعات السكانية فوق حجم معين telecomtalk.info. وبحلول منتصف 2024، كان 95% من مشتركي الشبكة الثابتة لدى “بيلتيليكوم” يستخدمون بالفعل شبكة الخدمات المتعددة (NGN/ألياف) telecomtalk.info. يمكن توقع انتشار شبه كامل للألياف حتى المنازل في المناطق الحضرية، وتغلغل عميق في المناطق الريفية. وقد يجعل هذا من بيلاروسيا من بين الدول الأفضل اتصالًا من حيث البنية التحتية في منطقتها، وعلى الأقل موازية لدول البلطيق من حيث تغطية الألياف. ومع ذلك، ستكون الاتصالات القادرة على غيغابت متاحة على نطاق واسع، مما يتيح خدمات جديدة (مثل IPTV، الطب عن بعد، إلخ) محليًا.
  • 5G على الهامش: كما ذُكر سابقًا، أجلت بيلاروسيا نشر الجيل الخامس على نطاق واسع بسبب العقوبات واعتبارات التكلفة freedomhouse.org. في الأجل القريب، سيكون التركيز على تعظيم استخدام 4G LTE عبر إضافة نطاقات ترددية ومحطات قاعدة إضافية. أوضحَت الحكومة عدم استعجالها للجيل الخامس، ومن المرجح أن يستمر هذا النهج ما لم تدفع تقدمات دول الجوار لتغيير الموقف. هناك احتمال أن تعتمد بيلاروسيا في النهاية الجيل الخامس بشراكة صينية خالصة (هواوي أو زد تي إي) إذا سمحت الظروف الجيوسياسية – مثل انتشار محدود النطاق للأغراض الصناعية أو الحكومية. والجدير بالذكر أن أي 5G يتم نشره سيُركز غالبًا على ميزات المراقبة (كما أُشير إليه من اختبارات كاميرات التعرف على الوجه عبر 5G) freedomhouse.org، بما يتماشى مع أولويات النظام. بالنسبة للمستهلك العادي، ستعمل هواتف الجيل الخامس فقط على شبكات الجيل الرابع في بيلاروسيا خلال السنوات القريبة القادمة.
  • تغييرات بين مشغلي الهاتف المحمول: قد تطرأ تحولات في ملكية قطاع الاتصالات. وبالنظر للمناخ السياسي، قد يواجه المالكون الأجانب مثل “A1″ (تيليكوم النمساوية) و”Turkcell” (life:)) صعوبات أو حتى يفكرون في الخروج من السوق. جرت شائعات سابقًا حول استحواذ مستثمرين روس أو حكوميين على حصص أكبر. في عام 2022، زادت “Turkcell” ملكيتها في “life:)” إلى 100% freedomhouse.org، مؤكدة التزامها، غير أن عزلة السوق البيلاروسية قد تدفع نحو الاندماج. قد تدفع الحكومة أيضًا إلى تعزيز تأثيرها – على سبيل المثال، من خلال تقوية مشروع “بيلتيليكوم” في المحمول لمنافسة المشغلين الخاصين. ليس من المستبعد حدوث اندماج أو إعادة تأميم في قطاع الاتصالات إذا سعى النظام لمزيد من تشديد السيطرة.
  • توقعات ستارلينك/وان ويب: في الوضع السياسي الحالي، من غير المرجح أن تسمح بيلاروسيا رسميًا لخدمات ستارلينك أو الانترنت الفضائي المستقل. لكن إذا حدث تغيير ديمقراطي أو حتى انفتاح بسيط، يمكن لستارلينك تغطية بيلاروسيا بسرعة (حيث تمر الأقمار بالفعل فوقها). خدمة “ستارلينك” من إيلون ماسك، على سبيل المثال، يمكنها نظريًا إيصال الإنترنت إلى بيلاروسيا إذا تواجدت أجهزة استقبال؛ الحاجز الوحيد تنظيمي. إذا جاء سيناريو صديق للمعارضة، فقد يكون إدخال ستارلينك وسيلة سريعة لضمان إنترنت مفتوح حتى مع سيطرة الدولة على الشبكات الأرضية. أما في الوقت الحالي، يبقى ستارلينك احتمالًا بعيدًا، وكذلك “وان ويب”. وتجدر الإشارة إلى أن روسيا (حليفة بيلاروسيا) تطور كوكبة الإنترنت الفضائي الخاصة بها (مشروع “سبير”) – وقد تختار بيلاروسيا الشراكة أو استخدام نظام روسي/صيني مستقبلاً للأغراض الحكومية، بدلاً من الأنظمة الغربية.
  • تصاعد الرقابة والعزلة: للأسف، تشير التطورات الأخيرة إلى أن بيلاروسيا ستواصل التماهي مع نموذج السيطرة على الإنترنت الروسي. في فبراير 2024، أعلنت بيلاروسيا وروسيا عن خطوات نحو “توحيد” بعض جوانب الفضاء المعلوماتي freedomhouse.org. وقد يعني ذلك قوائم حظر مشتركة أو جهودًا منسقة لحجب المحتوى. لقد كررت بيلاروسيا بالفعل القوانين الروسية (مثلاً، تبني خطاب ضد “الأخبار الكاذبة” والنشاط “المتطرف” عبر الإنترنت المشابه للتشريعات الروسية) freedomhouse.org. التوجه يتجه نحو رقابة حكومية أكبر. قد نشهد اعتماد تقنيات فحص الحزم العميق (ديب باكيت إنسبكشن) (ربما مستوردة من الصين أو روسيا) لحجب المحتوى تلقائيًا في الوقت الفعلي. كذلك، قد يتزايد حظر استخدام VPN وTor؛ فقد أشارت الحكومة في 2024/25 إلى خطط لنشر تقنيات ترشيح جديدة لاستهداف أدوات التحايل freedomhouse.org. إذا نجحت، فقد يجد البيلاروسيون صعوبة أكبر في الوصول إلى المواقع المحجوبة، ما يؤدي فعليًا إلى عزل الإنترنت في البلاد عن الشبكة العالمية (سيناريو “الإنترانت” المصغر المشابه لجدار الصين أو إيران الناري، لكن ليس بهذا التعقيد بعد).
  • تحديثات المراقبة: سيواصل النظام الاستثمار في تقنيات المراقبة. يشمل ذلك توسيع شبكات الكاميرات الأمنية (CCTV) مع تقنيات التعرف على الوجه (يرتبط بعض منها عبر الإنترنت بشبكات قواعد بيانات مركزية)، ومراقبة تطبيقات المراسلة عبر البرمجيات الخبيثة أو فرض الكشف عن البيانات، وأدوات الذكاء الاصطناعي لرصد المعارضة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. الشراكة مع دول مثل الصين قد تجلب أنظمة مدن ذكية تدمج بيانات الإنترنت. وعلى الرغم من أن هذا لا يغيّر الوصول بشكل مباشر، إلا أنه يؤثر بشكل كبير على مدى حرية المواطنين في استخدام الإنترنت.
  • الاقتصاد الرقمي وهجرة العقول: كان لدى بيلاروسيا قطاع تكنولوجيا معلومات مزدهر ذات يوم (كان “منتزه التكنولوجيا الفائقة” في مينسك موطنًا للعديد من شركات البرمجيات والشركات الناشئة). أحدثت الاضطرابات السياسية منذ 2020 نزيفًا في العقول – غادر عشرات الآلاف من المتخصصين في تكنولوجيا المعلومات والشباب إلى بولندا، ليتوانيا، وغيرها. ويؤثر هذا على مشهد الإنترنت: تراجع إنتاج المحتوى المحلي، ربما تباطؤ اعتماد الخدمات الإلكترونية الجديدة، واحتمال ركود في الابتكار التقني. رغم ذلك، لا تزال الحكومة تروج لرواية التنمية الرقمية – مثل الترويج لمنصة عملة رقمية حكومية (والتي حققت نجاحًا محدودًا) وأتمتة الخدمات العامة. وإذا استمر الوضع السياسي مرسخًا بصيغته الراهنة، قد نشهد نهجًا مزدوجًا: استمرار المشاريع الرقمية الحكومية (غالبًا بضوابط أمنية)، بينما يتباطأ الابتكار الرقمي في القطاع الخاص بفعل العقوبات وهجرة الكفاءات.
  • تحولات الاتصال الإقليمي: مع الحرب في أوكرانيا وتدهور العلاقات مع الغرب، قد تعيد بيلاروسيا توجيه المزيد من حركة الإنترنت عبر روسيا بدل الاتحاد الأوروبي. حاليًا، لدى بيلاروسيا وصلات عبر بولندا ودول البلطيق تربطها بمراكز الإنترنت الغربية. هناك احتمال لتقليص هذه الوصلات أو مراقبتها عن كثب، مع زيادة الاعتماد على الترانزيت الروسي (مثلًا، عبر “روستليكوم”). وسيجعل ذلك الإنترنت البيلاروسي أكثر اعتمادًا على البنية التحتية الروسية، وربما خاضعًا للسياسات الروسية (على سبيل المثال، إذا قررت روسيا عزل شبكة “رونِت”، فقد تَتبعها بيلاروسيا). من جانب آخر، الحفاظ على المسارات المتنوعة مهم لمرونة الشبكة، لذا من غير المحتمل أن تقطع بيلاروسيا ارتباطاتها الأوروبية إلا تحت الإكراه.
  • تكيف المستخدمين: أظهر سكان بيلاروسيا قدرة كبيرة على التكيف مع القيود – حيث استخدموا خوادم بروكسي ومواقع مرايا وقنوات تيليجرام لنقل المعلومات. وقد يتبنى المزيد من الناس مستقبلًا تقنيات لا مركزية (مثل الشبكات الحلقية في حال توفرها، أو مشاركة الملفات من نظير إلى نظير للأخبار) لتجاوز الرقابة المركزية. قد ينشر الشباب الماهرون تقنيًا معارف حول استخدام القنوات الفضائية أو الراديو للأخبار، أو الابتكار في استخدام نفق DNS/توزيع المعلومات بالرسائل النصية إذا تم حجب الإنترنت. باختصار، لعبة القط والفأر بين الرقابة والتحايل ستكون سمة رئيسة لمستقبل الإنترنت في بيلاروسيا.

في الختام، من المرجح أن يشهد المستقبل القريب للإنترنت في بيلاروسيا مزيدًا من التباعد بين إمكاناته التقنية الهائلة وبيئته المعلوماتية المقيدة. فمن جهة، يمكن أن يكاد كل بيلاروسي يتلقى قريبًا اتصال ألياف ضوئية أو جيل رابع – سريع، ورخيص، وشامل. ومن جهة أخرى، قد تصبح قدراتهم في الاستفادة من هذا الاتصال مقيّدة أكثر فأكثر بفعل الفلاتر الحكومية والمراقبة. ولهذا، فإن مصطلح “الحالة الحقيقية للإنترنت” في بيلاروسيا يحمل معنى مزدوجًا: فالحال الواقعي من ناحية البنية التحتية قوي، لكن الحال الواقعي من ناحية الحرية محدود. التطورات الدولية (مثل تغيرات في أنظمة الحكم أو تدخلات تقنية خارجية) يمكن أن تغير هذا المسار بشكل كبير. وحتى الآن، يقف الإنترنت البيلاروسي كقصة تحذيرية حول كيف يمكن لدولة أن تحقق تقريبًا اتصالًا رقميًا شاملًا لكنها تحدّ من الانفتاح والحرية التي من أجلها أنشئ الإنترنت.

المصادر: freedomhouse.org hajun.info zerohedge.com

Tags: , ,